كيف تحررت بلـــــــــــد المليـــــون ونصـــف شهيـــــــد ؟؟!! ( قصة مشوقه ) ...

بمثل هؤلاء الرجال انتصرت الثورة الجزائرية

- قصة واقعية زمن الثورة –
عام 1963 اي بعد استقلال الجزائر الشقيقة كنت طالبا في الصف الأول الثانوي في مدرسة الأمير حسن الثانوية في بلدة بير زيت

شمال رام الله في الضفة الغربية التي كانت تشكل مع الضفة الشرقية المملكة الأردنية الهاشمية ، بعام تقريبا كان معلم الحصة غائبا

فحضر معلم الرياضيات لإشغال الحصة : و كان معه مجلة قال سٍأقرأ عليكم قصة واقعية كتبها مجاهد جزائري . رحب الطلاب

بالقصة فمهما كانت مملة او جافة لن تكون بدرجة نظرية في الهندسة المستوية فكيف بها و هي عن ثائر من ابطال الثورة الجزائرية

التي كنا نتابع اخبارها في اذاعة صوت العرب و الصحف الأردنية وكنا نتبرع لصندوق دعم الثورة الجزائرية بما في جيوبنا من

مصروف و لم يكن يتجاوز القرش و نأكل رغيف الخبز دون إدام شعورا بالواجب تجاه اخواننا الجزائريين . و بدأ المعلم قراءة القصة

فإذا بها تنقش في ذاكرتي نقشا لا و لن يمحى لأنني رويتها لطلابي الذين كنت ادرسهم اللغة العربية سنة بعد سنة ثم اطلب منهم كتابتها كموضوع تعبير .


يسرد المجاهد الجزائري قصته فيقول



كنت و كوكبة من ثوار جبهة التحرير الجزائرية في مقر احدى القواعد السرية ،عندما دخل المقر آمر القاعدة فحيانا ودار بيننا حديث

حول منع الإجازات و وعدم مغادرة القاعدة من اي عنصر كان ثم قال :


تعلمون معشر المجاهدين تمادي الحاكم العسكري الفرنسي لمدينة الجزائر ضد ابناء شعبنا ، مواصلا سياشة أسلافه من قتل بدم بارد و

اعتقالات جائرة دونما ذنب و انتهاك أعراض ، و محاربة شعبنا في عقيدته ولغته ، و نسف بيوت و مصادرة أراض زراعية من مالكيها
ا

العرب و اهدائها الى المستوطنين الفرنسيين المستوردين من الطرف الآخر من البحر ،,,,


فلذلك جئت ابلغكم بقرار قيادة الجبهة بتصفية

ذلك الطاغية ، و اخبركم ان هذه العملية استشهادية ، فالشهادة محتملة اكثر من سلامة العودة ، فمن بجد منكم في نفسه الجرأة في تنفيذ هذا الواجب الوطني فليحضر الى مكتبي .

طرقت رأسي فكرة القيام بهذ التضحية في سبيل الله ،و دفاعا عن شعبنا و انتقاما من المستعمر الباغي،ثم فكرت في المخاطرة غير ا

لمضمون نجاحها و و ان نجحت فإن سلامة العودة غير مضمونة ... و لكننا عندما دخلنا هذه الثورة كنا عازمين على الاستشهاد

او النصر فلم التردد اذن ؟


و اذا بي ارى نفسي مدفوعا للقيام يذلك العمل مهما كانت النتيجة و مهما كان الثمن ...

خلت مكتب الآمر فحييته و أبلغته انني مستعد للقيام بالمهمة التي تكلفني بها القيادة ، فحذرني من ان اكون مندفعا تحت اية مشاعر

عاطفية ، و علي ان اكون على قدر الواجب و طلب مني التروي ، و لكنني افهمته انني جئت بمحض ارادتي وانني فكرت مليا

،وان قراري نابع من قناعتي و انني قادر على القيام بها بكل نجاح باذن الله .

نهض الآمر من مقعده و صافحني ثم دار بيننا هذا الحوار القريب من هذا النحو قال : أمعك مسدس ؟

- نعم .

- أعطني اباه من فضلك و خذ مسدسي هذا و هو مجرب بنجاح و فيه ست رصاصات , اريد منك ان تضعها في رأس الحاكم العسكري

وحده فقط سواء ان وجدته وحيدا او وجدت عنده رجلا او او اثنين او مئة .

- ان شاء الله .

- أخبرني ؛أمعك ساعة يد ؟

- نعم هي ذي .

- هاتها و خذ ساعتي هذه فهي مضبوطة تماما ، عليك ان تقوم بمهمتك غدا ان شاء الله في الساعة الثانية عشرة ظهرا تماما حسب هذه

الساعة لا تتأخر ثانية و لا تتقدم ، اي عندما تكون العقارب الثلاثة فوق بعضها البعض ، حسنا ؟.
- ان شاء الله .

- الخّص المهمة ثانية : اطلاق الرصاصات الست في رأس الحاكم الطاغية وحده ، غدا، و في الساعة الثانية عشرة تماما . اتفقنا؟

- ان شاء الله ، ادع لنا بالتوفيق يا حضرة القائد .

- بالتوفيق و بالنجاح ان شاء الله .

..........

عدت الي موقعي في القاعدة وكأنما فقدت وزني و كانت ليلتي طويلة طويلة طويلة ،رحت أتقلب في فراشي مسرورا احيانا و خائفا

احيانا اخرى، مع نسبة محدودة جدا من الندم على القيالم بهذه المغامرة عندما أتخيل نفسي و قد وقعت أسيرا بين ايدي الأعداء و شرعوا

في تعذيبي .ولم أطعم النوم الا بعد صلاة الفجر فاطمأن قلبي الي سديد قرلري .


في الساعة الثامنة صباحا توجهت الى مقر الحاكمية العسكرية فوجدتها نزخر بالمراجعين من المواطنين و الموظفين و العسكريين

الفرنسيين فتساءلت بيني و بين نفسي : أصحيح ستفرغ الحاكمية و يخلو لي الجو لأقوم بمهمتي ؟، اشك في ذلك . خرجت من المكان

بحثا عن هواء منعش عليل و تخلصا من افكاري متلاطمة الأمواج و رحت اهيم في الشارع على غير هدى .

الساعة الآن الحادية عشرة و ست عشرة دقيقة و اثنتان واربعون ثانية حسب هذه الساعة المضبوطة تماما – كما قال لي الآمر

- دخلت بوابة الحاكمية فاذا بأعداد المراجعين قد تضاءل كثيرا، و العسكريون قد تقلصوا ، اقتربت من مقر الحاكم العسكري فوجدته شيه خال من المراجعين .

الآن أرى مقر الحاكم وقد خلا من المراجعين تماما و لم يبق الا هو وحده ،اذن فالفرصة مواتية تماما لتنفيذ العملية بنجاح ،


نظرت الى الساعة فإذا بها الأن الحادية عشرة و خمس و خمسون دقيقة ... آخ ما هذه العقلية المتحجرة فلماذا يقيدونني بزمن ؟ و لم لم يتركوا لي حرية العمل ؟

- في الساعة الثانية عشرة الا أربع دقائق رأيت سيارة عسكرية تدخل مسرعة من بوابة الحاكمية العسكرية و يترجل منها خمسة ضباط

فرنسيين، و يدخلون مكتب الحاكم المجرم و يتخذون مقاعدهم امامه ،انفجرت في نفسي ثورة مزلزلة ، يا إلهي ما الذي حدث ؟ من اين جاء هؤلاء ؟
و في هذا الوفت النحس أيضا ؟ لا حول ولا قوة الا بالله .
قاتل الله قيادتنا وعقليتها المستبدة، و قاتل هذه الأوامر اللعينة . على كل لا بأس هؤلاء خمسة و الحاكم اللعين سادسهم ، و كلهم مجرمون فعلوا بشعبنا الأفاعيل فما الذي يمنعني !! سوف اطلق على كل واحد منهم رصاصة و أتخلص منهم فيكون صيدي ثمينا واكون قد اخذت بثأري قبل موتي بستة اعداء . لكنني تذكرت اوامر القيادة التافهة" اريد منك ان تضعها في رأس الحاكم العسكري وحده فقط سواء ان وجدته وحيدا او وجدت عنده رجلا او مئة ".

لن استجيب لهم ، انهم ليسوا بأقدر مني على تقدير الوضع . .... و لكنها الأوامر و علي تنفيذها ... و بعد ذلك لن اخدم معهم يوما واحدا ، هذا اذا رجعت حيا.

نظرت الى ساعتي و اذا بالعقربين الكبيرين ملتصقان و عقرب الثواني يبعد عنهما بضع خطوات هنالك انطلقت مشهرا المسدس

ووجهته نحو رأٍس الحاكم و أودعت فيه الرصاصات السّت قائلا "خذها و لتحيََ الجزائر " و سقط الحاكم العسكري صريعا فشعرت

انني ثأرت لمليون شهيد قتلوا بأيدي المجرمين على مدى ما ما يزيد عن قرن بكثير .

و بلحظة واحدة رأيت الضباط الخمسة يندفعون نحوي وانهالوا علي ضربا باللكمات حتى سبحت في دمي و رحت في نومة عميقة ،

انها اغماءة طويلة ، استيقظت بعدها فاذا بي في نفس القاعدة التي كنت فيها قبل العملية و حولي اخوتي المجاهدون ، و كان اكثرهم

قربا مني آمر القاعدة يمسح رأسي بيده الحانية و قال : هل عرفت الآن لماذا الساعة الثانية عشرة فقط ؟ حتى نؤمن لك الحماية .

و هل عرفت لماذا رأس الحاكم العسكري فقط ؟ هؤلاء هم االضباط الذين ضربوك يوم امس انهم فدائيون منا و لكن من قاعدة أخرى ،فكيف نسمح لك بقتلهم ؟


هجم الضباط علي ثانية و لكن ليشبعوني تقبيلا ، ثم قال احدهم : لقد اتقنّا الدور حتى لا يكتشف الأعداء لعبتنا ، كل مرة بالسلامة .تعيش و تأكل غيرها

بهؤلاء الرجال و بهذه القيادة جاء نصر الجزائر الحبيبة ، أرخصوا دماءهم في مواجهة عدوّهم في سبيل النصر ...