ما بعد العودة من تركيا!
مقال للكاتبة بالرياض مها العبدالرحمن وبطلب منها تم نقله لكم
مِن الآخر وبدون مقدمات لشدة الحماس لمعرفة الموجز والتفاصيل، يا وافدون من تلك الديار طمئنونا!.."هاه".. بعد أن شددتم الرحال لبلاد لميس ويحيى ونور ومهند، ووطئتم أرضها، سرتم في نفس الطرقات، ورأيتم شعبها وأهلها وناسها، واكتحلت العيون بتحقيق حلم التمرغ في نعيم جمال الطبيعة، وتنفستم هواءها الذي خيل للبعض أن ذراته لو فحصها الكيميائيون لبدت لهم على شكل رسم قلوب!.
حدثونا بعد العودة، هل واجهتم أولئك الأبطال الذين سحروكم وببراعة أقنعوكم بواقعية التمثيل، وأن الخيال واقع، واستطاعوا أن يتملكوا قلوبكم وعواطفكم وتعاطفكم حتى مع منتخبهم الكروي الذي لخاطر عيونكم عوّض السلام والنشيد الوطني عند دخول لاعبيه للملعب بموسيقي مقدمة مسلسل "نور"!، لاجترار التفاعل والتعاطف والقبول وبالفعل هذا ما كان عدا نسبة السياحة لذلك البلد الذي كشفت عن جماله وطبيعته مشاهد المسلسلات، وكم من مولود ومولودة تسموا بأسمائهم ليزرع لهم ذكرى طويلة المدى، ولربما يكون لهؤلاء الأطفال نصيب من أسمائهم فيأخذون من جمال خلقتهم أو خلقهم أو "كاريزما" القبول وحب الناس!
شيباً وشبانا وحتى الأطفال يغبطون هؤلاء العائدين من هناك، ويلعنون فقراً أقعدهم عن اللحاق بهم ليظفروا ولو بصورة مع أحد منهم، لتبرءوَز الصورة وتحقق لصاحبها أعظم شرف ووجاهة وفخر وغنيمة وتميز سيحسده عليها قاصٍ ودانٍ.
يا أيها القادمون من هناك وأنتم آسفون للعودة حدثونا بعد أن عشتم أجواءهم، واستنشقتم هواءهم، وتغذيتم من مأكلهم ومشربهم، وسرتم على أرضهم وتحت سمائهم، ما الذي تغير في حالكم وبأي المكاسب عدتم؟
يا نساء هلا خبرتمونا، هل بات رجالكن بحُسن مهند وجاذبية مظهره، ورجولة ورومانسية يحيى؟ وهل زالت حمى الشرقية والذكورية التي تسير في دماء كل منهم وأصبح آخر، وتبدل دمه وجلده ولسانه، وفقد ذاكرة اللارومانسية فيه، ودون علمك اتفق مع ملاح الطائرة عند العودة ليفاجئك بقالب حلوى عليه شمعة ليعلن ميلاد حياة زوجية سعيدة ورومانسية جديدة، ويصبح من مواليد ذلك اليوم، وعلى يدك تتربى العاطفة مع وعد أن يحتفل بذاك اليوم كل عام ويكرره بهدية، وسيتعلم لغة الورود ويتحدثها بطلاقة في كل المناسبات، ومن غير مناسبة لن ينساها، ويعد الإفطار إن استيقظ قبلك، ويزرع شتلة ورد ويرعاها ليضيفها للصينية عندما يحملها لك لسرير النوم، وإن مرضت سيسهر قربك ويغفو على كرسيه، وتستيقظين لتجدي دمعة على خده حزناً عليك نام تعباً ونسي أن يستر جثمانها.
ويا رجل، هل باتت امرأتك بعد عودتها ممشوقة القوام، حكيمة مدبرة، وقادرة على المحافظة على حياتها العملية وأنوثتها معاً "ك لميس"، وحسّاسة مثل نور، تجيد كل شيء الا التنكيد والزن والطن، والاهتمام بأخبار الأهل والجيران، وإن اتصلت بها من خارج البيت لاتسرد نواقص البيت، بل استبدلت جملة "جب لبن وخبز"، ب"يا حبيبي اشتقت لك"، وتحدثك بشوق لأنك ستغادر، وتبثه "أي الشوق" رسائل بعد خروجك، وعندما تعود ستجدها مختلفة في كل مرة، تتلون كالورود والطبيعة على كل صنف ولون، وصار البيت روضة وجنة على الأرض؟.
نسألكم بالله جاوبونا، هل تركيا "غير" وقرب أهلها له تأثير؟، لنشد الرحال لهناك لإجراء عملية تجميل لنفوسنا، ونحجز من الآن للموسم القادم قبل إغلاق الحجوزات؟!. هل رأيتموهم وذكرتم الله على حسن رباني أودعه الله فيهم مع عطر روح، فبتم في الدعاء تتعوذون من الشيطان وأشباه "تيم" ومن على شاكلته تأثراً وهوساً؟، وهل أخذتم صورهم وتوقيعاتهم، أم كانوا في سفر لتغيير جو بعد جني أموالكم، أو لمباشرة العمل في وهم جديد بعد اكتشاف هشاشة قلوبكم، ونقاط ضعفكم، وبعد أن غدت مسلسلاتهم "كلمة سر" لفتح مغارة كنز بالتأكيد لم يأت لهم من قبل لاعلى بال ولاخاطر.
الخيال، والهروب من الواقع متى سنستيقظ منهما؟ لنصنع الحياة السعيدة الحقيقية التي نحن أبطالها، والأحداث تكون على أرضنا، وفيها تمثيل متسلسل لاجتثاث جذور الجفاف العاطفي، في العلاقة بالأهل والأخوان والأبناء والأزواج، لنكون صورة حية بلا تلك الأوهام التي جعلت حالنا أكبر (نكتة).