بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله خلق الخلق ليعبدوه وأنار لهم طريق الهداية ليسلكوه وأوضح لهم معالم الصلاح ليرشدوه
وصلى الله وسلم على أمام الصالحين وقدوة العابدين وأصلح الناس لرب العالمين:
اللهم يا مؤنس كل حبيب ويا صاحب كل فريد ويا قريبا غير بعيد يا بديع السموات والأرض نسألك
أن تقبل فى هذالشهر الكريم توبتنا وأن تغسل زلتنا و أن تهب لنا من لطفك الخفى نسمة تشفى بها مرض غفلتنا
وانفحنا من عطفك نفحة تطلق بها أسرنا من وثاق شهوتنا يا أكرم مسؤول ويا خير مأمول
يارب صفحك يرجو كل مقترف ******فأنت أكرم من يعفو ومن صفحا
يارب لا سبب أرجو الخلاص به****** الا رجاء ولطفا منك ان نفحا
لله در زمان أقبل بأيام فاضلة وليال مباركة تفتح فيها أبواب الجنان وتغلق فيها أبواب النيران
ويقبل العباد الى ربهم الرحمن ذى الجلال والاكرام انها أيام وليال للمتقين فيها صولات
وجولات بين يدى الواحد الديان يتنقلون فيها من رحيق الصيام الى شهد الأفطار ومن تباريح الصلاة
الى انفاق الصدقات حقا انها الذكريات اللطيفة والأيام الجميلة المليئة بكل معانى السمو الروحى
التى تبهج القلب وتفرح النفس وتسعد الخاطر انها الأيام التى تأنس النفوس بطلعتها وبهائها وتنشرح الصدور
بفرحتها وجمالها
ما اجمل رمضان وما أجمل أيامه ولياليله نعم رمضان شهر أزكى لحظاته اذا شرع العبد فى مناجاة
ربه والتقرب اليه صلاة ودعاء وذكرا رمضان شهر أجمل أوقاته وأعذبها اذا ترنم العبد
فيه بكتاب ربه تاليا بكل طمأنينة وخشوع ونعم جاء رمضان ليقول للمسلمين
أنا شهر بحلولى تحل البركات والخيرات أنا شهر بساحتى أصناف من النفحات والأتحافات
أنا شهر كلى رحمة ومغفرة وعتق من النار
أقبل رمضان ليقول للعالم: أنا شهر التوبة والأوبة والرجوع الى من يقبل التوبة أتى رمضان ليوحد
صفوف المسلمين ويرفع هممهم ويعلى ذكرهم فما أجمل رمضان فيه أمن وأمان وعتق وفوز
بسكنى الجنان فمن رحم فى هذا الشهر فهو وربى المرحوم ومن حرم فهو وربى المحروم
أتى رمضان مزرعة العباد ******* لتطهير القلوب من الفساد
فأد حقوقه قولا وفعلا ************* وزادك فاتخذه للمعاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها ******** تأوه نادما يوم الحصاد
لقد جعل الله فى التوبة ملاذا مكينا وملجأ حصينا يلجه المذنب معترفا بذنبه مؤملا فيه ربه
نادما على فعله غير مصرعى خطئه يحتمى بحمى الاستغفار ويرجو رحمة العزيز الغفار
نعم ما أجمل أن تنسكب العبرات وتقال العثرات فى شهر الرحمات ما أجمل قلوبا كسرت ودموعا سكبت وجباها
خضعت لرب الأرض والسماء
حرى بك فى رمضان أن تبكى على خطيئتك وأن تطلب العفو من مولاك ليكن رمضان مدرسة
لروحك وتطهيرا لنفسك ناد ربك وقل فى الأفق : يارب لولا حلمك لم يسعنى أجلك لولا عفوك
لم ينبسط فيما عندك أملى ما قدر طاعتى أن أقابل بها نعمك وما قدر ذنوبى
أن أقابل بها كرمك قل كما قال الأول:
أيا من لا يخيب لديه راج************** ولم يبرمه الحاح المناجى
ويا ثقتى على سرفى وجرمى********** وايثار التمادى فى اللجاج
أقلنى عثرتى واغفر ذنوبى********* وهب لى منك عفوا واقض حاجى
فما لى غير اقدارى بجرمى************** وعفوك حجة يوم احتجاجى
جاء رمضان ليهذب النفوس ويقوم السلوك ويفتح باب الرجوع الى علام الغيوب
أعلم أن الذنوب والمعاصى مصدر الهموم والأحزان وهى سبب النكبات وباب المصائب
والأزمات فبسببها تأتى البراكين الهائلة والزلازل المدمرة والصواعق المخيفة والأوبئة الفتاكة
والتسلط والامتهان والمسخ والخسف دون خبر أو سابق انذار فما أقبح المعصية الممزوجة بالقبح حال تناولها
المثمرة للألم بعد انقضائها وما قلة التوفيق وفساد القلب وخمول الذكر والوحشة بين العبد وبين
الرب ومحق البركة فى الرزق والسواد فى الوجه والبغض فى قلوب الخلق الا وسببه الذنوب
والمعاصى قال رجل لأبى سعيد الحسن البصرى : أنى أبيت معافى وأحب قيام الليل وأعد
طهورى فما لى لا أقوم ؟ قال الحسن : ذنوبك قيدتك
أرأيت كيف أن اللذة المحرمة والمعصية المقترفة لها ضررها على القلب والجوارح
كضرر السم فى البد ن
فاذا تبين لك هذا وعلمت ذاك فأعلم أن الصوم ينقص ثوابه بفعل المعصية وأن لم يبطل
بها فقد يحرم الصائم الأجر والثواب على تحمله التعب بالجوع والعطش وقد قرر
هذا المعصوم صلى الله عليه وسلم حين قال" رب صائم ليس له من صيامه الا الجوع ورب قائم
ليس له من قيامه الا السهر "
فلا اله الا الله كم من صائم لا يعرف للصيام حقه ولا للقيام مستحقه وكم من مسلم مقبل الى ربه
راجيا عفوه ورحمته واقعا فى كثير من البدع والخرفات لا يعلم أنه فيها منغمس
فاحذر أيها الصائم كل الحذر أن يكون هذا الخطاب لك " رغم أنف من أدركه رمضان ولم يغفر له
نعم واياك ثم اياك أن تكون فى غمرة الساهين الضائعين اللاهين العابثين فانه رمضان فرصة
كل تائب وعبرة كل آيب نعم رمضان فرصة سائحة وبضاعة رابحة لمراجعة النفس ومحاسبتها
وايقاظها من غفلتها فهب من الغفلة وسارع الى التوبة ولا يغرك طول الأمل فأن الموت
يأتى فجأة واعلم أن خير أيامك يوم العودة الى من يقبل التوبة فكن من السائرين فى ركاب
التائبين وبادر الى أسباب النجاة بالتوبة الخالصة والعزيمة الصادقة والصبر والمصابرة
وعلو الهمة والأشتغال بمعالى الأمور والابتعاد عن سفاسفها والمجاهدة فى ذات الله
سبحانه وتعالى { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين }
اللهم قد أظلنا شهر رمضان وحضر فسلمه لنا وسلمنا له وتسلمه منا متقبلا
وارزقنا فيه الجد والاجتهاد والقوة والنشاط
وأعذنا فيه من الفتن آمين
وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم