الكل نائم في سكون ،غارق في أحلامه ،في دفئ فراشه ،،خالد في الراحة بعد جهد
اليوم الطويل،،،
الهدوء يعم المكان ،والظلمة تسود الجدران ،وبعد منتصف الليل ........... يدق
الجرس؟؟؟؟؟؟؟؟
يستيقظ الفتى من نومه فجأة وكأن دبوسا قد طعن قلبه!!!! ماهذا؟ من الذي يأتينا في
هذا الوقت؟؟ من الذي يدق الجرس؟؟ ينظر حوله ويتلفت !! الكل نائم سواه !! وقرع
الجرس يشتد والباب يتخبط !! من هذا؟؟ من؟؟ ......
ينهض من فراشه،، يخرج من غرفته،، وينزل في تلك الدرجان في هدوء تام.......
تزداد ضربات قلبه،، ويشتد خوفه،، ويصل إلى الباب،، ويتخافت!! من؟ من ا
الطارق؟؟ ينتظر لحظة!! ثم يفتح الباب ليدخل ذلك الهواء البارد إلى الديار....
ولكن!! ما من أحد؟؟؟؟؟؟ يتجمد ثوان عند الباب،، لا بد أنني أتوهم!! لابد أنني
أحلم!! بل إنني واثق من ذلك..... فلأعد إلى فراشي.... يعود إلى فراشه،، ثم يعيد
التفكير قليلا فيما حدث!! يغمض عينيه ليعود إلى الخلود في النوم،،،
ولكن!! .......... يدق الجرس!!
يجلس ليتأكد من سماعه له،، فيدق الجرس ويزداد قرعه!! يدخل الفزع قلبه،،
وترتعش أطرافه،، ولا أحد يستيقظ ،، لا أحد يِشعر ،، لا أحد يسمع !! الكل نيام
كالموتى!! يختبئ المسكين تحت غطائه،، ويضع كفيه فوق أذنيه ليمنع نفسه من
سماع ذلك الصوت المزعج.........
يتكرر هذا الحادث في كل ليلة!! لم يستطيع النوم،، أصبح هزيل الجسم،، شاحب
الوجه،، الجهد والتعب باديان عليه!!
يشكو ولا يسمع أحد،، يحكي ولا يصدق أحد،، يخشى قدوم الليل كما يخشى الجبان
لقاء العدو،، والكل ينتظره حتى تريح أجسادها،،........
السكون في كل مكان،، والظلمة حالكة،، والغيوم السوداء تغطي السماء،، والريح
تهز شبابيك المنزل!! ولا أحد يرى وحشة هذا المنظر سواه.....
يأتي الليل ليذهب الجميع ويخلد في نومه،، ويغرق في أحلامه،، تحت غطائه
الدافئ،، وعلى وسادته الناعمة،، ومن هو في حضن أمه... أما هو!! فالكوابيس
تطارده،، والفزع يقتله،، والحيرة تحرقه،، والمعاناة تزداد يوما بعد يوم!!
ما من حل، وما من سامع، إلى متى يا ترى؟؟ متى ينتهي هذا الكابوس؟؟ متى
أستيقظ من هذا الحلم؟؟ متى يأتي من يصدقني؟؟ أو من يبعده عني؟؟ أين أيام النور
والضياء؟؟ أين حنان الأحباء؟؟ أين الراحة؟ أين الأمن؟ أين الهناء؟؟ هل ستعود لي
بسمتي؟؟ هل سينتهي هذا العذاب؟؟ أم هل سأنتهي أنا قبله؟؟.......
وبعد اليأس من الناس!! والضجر من هذا الكابوس!! وفي يوم من الأيام........
.يعزم على رؤية هذا الطارق.... يعزم على فتح الباب ومواجهة هذا الأمر
بشجاعة!!
ويمشي متجها نحو الباب،، متجهم وجهه،، تشتد عضلاته،، يقف أمام الباب،،
يتردد قليلا،، ثم يفتح الباب بقوة!!
يخطو بضع خطوات خارج المنزل، يقف وحيدا، والرياح الباردة تبعثر شعراته
الرقيقة، وترتجف ركبتيه، وبعد دقائق.............ينكمش قلبه، ويشعر بخوف
رهيب، يحاول الهروب!! ولكنه يجد نفسه متشنجا في مكانه، تعجز أطرافه عن
الحركة،!!
يحاول المناداة!! يحاول الإستنجاد بشخص ما!! فيفتح فمه ليدخل ذاك الدخان
الأسود إلى جوفه،، فيتحول جسمه النحيل الصغير إلى جثة ضخمة!،، وتنقلب
عيناه الزرقاوتين الجميلة إلى حمراء دامية!،، وشعراته الناعمة إلى أشواك حادة!
،، وتنقلب وجمتيه الحمراوتين ووجهه المشرق إلى سواد كاتم!،، وصوته العذب
الذي يشبه زقزقة العصافير في غنائها إلى زئير قبيح!،، فيتحول ذلك الفتى الجميل
إلى وحش مفجع.......... مالعمل؟؟ وماذا يفعل؟؟ إلى من يذهب؟؟إلى من يلتجأ؟؟
من يسمعه؟؟ من يرعاه؟؟ من يطعم ذلك الوحش المخيف؟؟ .............................
تشرد وتجرع وعانا،، بكى وشكى،، صبر وضجر،، لا فائدة،، لا حل،، لا طريق
يسلكه،، لا ملجأ يذهب إليه،، يا ترى، أين ذهب ذاك الزمان؟؟ أين الشمس؟؟ أين
البشر؟؟ أين الحياة؟؟ بل أين المقر؟؟ ...........................
أمي ،، أبي ،، هذا مافعله الزمان بي بعد ما رميتموني إليه... هذا ما فعلته بي
الذئاب الجشعة ولم تحموني منها... هذا ما حصل لي بعد أن شكوت ولم تستجيبوا
لي... هذا ما حصل بعد أن تخليتم عني في أشد الأوقات حاجة إليكم...هذا ما حصل
بسبب إنشغالكم عني...آذنب ذنبي؟؟ أم ذنبكم؟؟ أأنا أتحمله؟؟ أم أنتم؟؟ هل يمكن أن
تعوضوني عما أخذتموه مني؟؟ هل ستصلحون ما فعلتم بي؟؟ هل سيأتيني حنانكم
من جديد؟؟ ياترى،، هل من
مجيب؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟..........